المغرب … بلد السحر …

17 Nov المغرب … بلد السحر …

عندما نسمع لفظة المغرب خصوصاً لدينا في الخليج يتبادر إلى أذهان البعض ( بلد السحر ) ، فكثير من الخليجين يعتقدون ذلك خصوصاً (( النساء )) منهم …

عند وصولي إلى أرض المغرب لأول مرة لحضور دورات تدريبية لم أجد السحرة وهم يستقبلون القادمين ، لم أجد المشعوذين وقد اصطفوا ليسحروا من جاء إلى بلدهم ، ولكني وجدت ما يسحر الناس ويجعلهم يتعلقون بهذا البلد ولعلكم تتسائلون ما هو هذا الشيء الذي يسحر الناس غير السحرة والمشعوذين ؟

أنا كثير التجوال والسفر ، زرت بلاد كثيرة وتعرفت إلى شعوب مختلفة ولكنني وبكل صراحة وأقولها هنا كلمة حق يحاسبني الله عليها وجدت ما لم أجده في كثير من الدول التي زرتها وجدت شعباً طيباً ، له روح خاصة ، دائم الابتسامة ، شعرت مع ذلك الشعب وكأنني في بلدي وبين أخوتي كان ذلك هو احساسي عندي زيارتي لأول مرة هذا البلد في العام 2012 م …

تعرفت على العديد من الناس من كل الطبقات والأوساط ولم أجد لديهم غير السماحة والطيبة والتعاون … أذكر العديد من الموقف التي حصلت لي واللتي لن أنساها ولا أذكر أنني مررت بمواقف مثلها في أي مكان أخر في هذا العالم … كنت قد أصبت في قدمي عند وصولي مباشرة إلى المغرب ( ربما كانت دعوة دعاها أحد علي ) وقد كنت أنزل في فندق سوفتيل ذو الخمسة نجوم في الدار البيضاء ، توجهت إلى النادي الصحي وأخبرتهم بإصابتي فأحضروا لي ممرض رياضي وأخذ يطبب قدمي لمدة نصف ساعة … طلبت منهم الحساب فأفادوني أن ذلك مجاني … في اليوم الثاني ذهبت إليهم وتكرر الأمر ولمدة اسبوع كان الأمر يتكرر ويتكرر وكل مرة كانت مجانية ولم يطلب مني أي أجر نظير ذلك … ( إصابتي ليس للفندق أي علاقة بها فقد اصبت عند سيري في الشارع ) … هذا هو سحر المغرب …

نوع أخر من السحر رأيته عندما تعرفت إلى المجموعة التي كنت أتدرب معها ، كم غمروني بعطفهم وبمشاركتهم لي ووقوفهم معي ودعمهم لي … لمست لديهم ذلك التواصل والراحة النفسية التي قلما يلمسها الشخص … خمسة عشر شخصاً لم أعرفهم سوي ليومين أو ثلاثة أحسست معهم بألفة غريبة وكأنني كنت أعيش معهم منذ عشرات السنين …

سحر أخر … ذلك المدرب الرائع الدكتور إدريس اوهلال الذي أحسست أنه أخ لي وليس مدربي ، وكل من كانوا في الدورات التي تتلمذت فيها على يده يشهدون بذلك … شخص كريم معطاء خدوم سمح بشوش … صفات كثيرة تدل على معدن أصيل وأصول عريقة وأخلاق كريمة راسخة …

من السحر الذي يجب علي ذكره هو الشيخ الفاضل سيادة المستشار أحمد السراج الأندلسي … رجل له مكانته في بلده فهو من رجالات الدولة الذين يشار إليهم بالبنان … أكرمني حباً في كرمي وقدم لي كل ما يقدمه الأخ لأخيه والوالد لإبنه …

ومما سحرني أيضاً في تلك البلاد تلك الأطباق اللذيذة والمتنوعة للمطبخ المغربي الذي يعد من ثالث أكبر مطابخ العالم وأجودها … الكسكس ، الطاجين بأنواعه ، لحم بالبرقوق ، الطنجية ، الدجاج بالزيتون ، البريوات ، الرفيسة ، الخليع ، المسمن  والبغرير والحرشة ولا أنسى محبوبتي الببوش أو البربوش كما يطلق عليه المراكشيون و العديد العديد من ما لذ وطاب من الأطباق الشهية …

ولا أريد التحدث عن سحر الحلويات المغربية ككعب الغزال والشباكية والفقاص والسفوف مع الشاي المغربي بالنعناع أو بالشيبة أو الحبق أو الخودنجال ( الخولنجان ) …

سحر جديد … تلك البلاد الجميلة بجوها وطبيعتها وحضارتها … أزقتها وزنقاتها … روعتها وأناقتها … تقدمها وبساطتها … مدن جميلة تستحق الزيارة … طبيعة تستحق المشاهدة … نشاطات مختلفة … احتفاليات … لا أستطيع أن أذكر  كل شيء هنا فأنواع السحر كثيرة … ويكفي أن أقول أن لكل مدينة مغربية سحرها الخاص جوها وطبيعتها وتميزها عن غيرها ولعل مدينة اورزازات تشعرك وكأنك في كوكب خارج الأرض ( مدينة عالمية اشتهرت بتصوير معظم أفلام الخيال العلمي فيها ) ، ولا ننسى فاس ومكناس وأغادير ، ومراكش المدينة الحمراء التي اعتبرت من التراث العالمي وساحة جامع الفنا التي لا تعرف النوم ، وايفران وايموزار وتطوان والرباط …

لقد سحرتني تلك البلد بجمالها وسحرني أهلها بكرمهم فلهم مني كل الشكر والتقدير على ما قدموه لي واسأل الله أن يبارك لهم ويحفظ بلادهم من كل سوء ، ويكفي أنهم قالوا في أمثالهم الشعبية : دير النية وانعاس مع الحية ( بمعني صفي نيتك ونام مع الثعابين ) …