KAMEL BADAWI | بوفيه التدريب … ما لذ وطاب …
3948
post-template-default,single,single-post,postid-3948,single-format-standard,ajax_fade,page_not_loaded,,side_area_uncovered_from_content,qode-theme-ver-10.0,wpb-js-composer js-comp-ver-4.12.1,vc_responsive

بوفيه التدريب … ما لذ وطاب …

بوفيه التدريب … ما لذ وطاب …

من مهازل عالم التدريب تقديم ما لذ وطاب … هل تبحث عن أي موضوع إذاً جاتك على الطبطاب ( جاتك على الطبطاب مثل من الحجاز يطلق على أن الأمور قد أتت كما تريد وأفضل مما تريد والطبطاب هو استواء الأرض ونعومتها ) ، كل شيء الآن موجود في مجال التدريب . وأقول كل شيء بدون استثناء فقد أصبح التدريب سوقاً ضخماً لعلى أشبهه بالسوبر ماركت تدخل إليه وتنتقي ما تريد وتحاسب في الكاشير وتأخذ الوصل وتسير …

كل أنواع السلع ( التدريب ) معروضة ما ينفع منها وما لا ينفع … العاطل والباطل … الجيد والردىء … السمين والغث … كله أمامك فقط خذ ما تريد والجودة بحسب الجهة التي تقدم فهناك الصيني والتايواني والأمريكي والأروبي والعربي ولكل سعره وقيمته ومستواه  … هل تريد دورات في الطبخ ؟ في النفس البشرية ؟ في الفن ؟ في العلوم ؟ في التدريب ؟ كله موجود وجاهز وتحت امرك وليس عليك فعل أي شيء سوى الدخول للقاعات الصوتية والاستماع إلى المحاضرات المجانية أو شخللة الجيب (شخللة الجيب لفظ يطلق على القدرة المالية فكلما زادت الشخللة دل ذلك على القدرة المالية العالية للحصول على الأفضل ) للاستماع إلى معلومات أكثر في محاضرات خاصة …  هكذا فقط وأنتهى الأمر …

بالنسبة لي على سبيل المثال لقد درست التدريب وتدربت وقدمت العديد من المحاضرات وتم تقييمي من العديد من الأساتذة ومن زملائي في الدورات التدريبية لكي أحصل على لقب مدرب  ، إحدى الدورات كنت فيها تحت بطش مدربي لأكثر من ثمانية ساعات يومياً ولمدة ستة أيام متصلة ، دفعت فيها مبالغ وقدرها ($) ، سافرت إلى هنا وهناك لتلقي العلم ، بعد ذلك كله أكتشفت للأسف الشديد … أنني أخطأت … نعم أخطأت .

لماذا سافرت وتكبدت العناء وصرفت الأموال الطائلة بينما أستطيع الآن وأنا في غرفة نومي وعلى سريري الدافىء مستلقياً على بطني أخذ دورات في التدريب وبأسعار زهيدة تبدأ من 100 دولار للدورة … والله طاح الرخا في الديرة ( طاخ الرخا في الديرة مثل سعودي يطلق على أن الأسعار هبطت لمستويات مناسبة للشراء ) … وليس ما تأخذه دورة تدريب فقط  بل تحصل معها على شهادات معتمدة من عدة جامعات عالمية ومنها شهادات تقول أنك أصبحت مدرباً دولياً … عجب عجاب ما أرى وما أسمع … مدرب دولي دفعة واحدة !!! مدرب دون أن أدرب أو أتعب أوأقدم محاضرات ودون أي مجهود مني … شهادات تقول وتؤكد أنني مدرب دولي أدخل بيها في عين التخين ( أدخل بيها في عين التخين مثل مصري يقال بمعنى أن الشخص واثق من نفسه ويستطيع مواجهة أكبر جهة وأكبر شخص ) … الله أكبر ولله الحمد … أمر جميل … الأدهى والأمر كنت أعتقد وتعلمت أن دورة تدريب المدربين تختصر بالانجليزية T.O.T  وهي اختصار لـ Training of Trainers ولكن الآن أصبح لدينا كل شيء غير هذا الاختصار ، لدينا مثلاً :

ـ T.T.T

ـ T.C.T

وحتى لا أطيل عليكم بوضع جميع المصطلحات التي تطلق على تلك الدورات ، ضع أي ثلاثة حروف انجليزية بجوار بعضها البعض وتكون قد خرجت بدورة جديدة في مجال التدريب فقط لا تنسى حرف T  الذي يشير إلى التدريب .

لا أريد أن أتحدث في كل شيء فأنا لا أفقه في كل شيء ولكن سأركز على موضوع التدريب ( ما أذكره هنا ينطبق على معظم المجالات ) ، هل يجوز تقديم دورات في التدريب أون لاين بمعنى عبر القاعات الصوتية ؟ وهل ستؤدي دورها ؟ أين الاتصال غير اللفظي الذي تعلمنا أنه أهم من الاتصال اللفظي ؟ إن كان تدريب المدربين يصلح أون لاين فهل تدريب المذيعين والمذيعات يحتاج إلى تدريبات مباشرة ؟ وعلى رأي المثل : نقوله ثور ، يقول احلبوه ( مثل لا أعرف من أي بلد عربي بمعنى أن الأمر مستحيل ولكن يطلب منا عمله ) …

أين عقول  المفكرين وأين أسس العلم وأين المصداقية فيما يجري ؟ كيف نطلق على شخص بأنه مدرب وهو لم يواجه جمهور في حياته ؟ لا نكتفى بذلك فقط بل نطلق عليه مدرب دولي معتمد ، دولي ومعتمد  ( عندما درست أخبرونا أن المدرب الدولي هو من يقدم محاضرات في أكثر من ثلاثة دول ، ولكن أعتقد أن ذلك كان في زمننا الغابر ، ولمن يعتقد أن ذلك الزمن الغابر كان من عشرات السنين وأن الدنيا قد تغيرات أحب أن أقول أنني درست في عام 2012 م ) كيف يكون مدرباً دولياً وهو لم يواجه جمهور ولم يقدم محاضرات ولم يعد أي حقائب تدريبية ولم يعرف من التدريب سوى تلك الساعات التي قضاها وهو مسترخياً في منزله أو مكتبه يسمع ويرى عبر شاشة الكمبيوتر فقط وأمامه طبق من المكسرات وبعض المشروبات ولا يمنع وجود العديد من الأشخاص  أمامه وحوله والتلفون في يده والتلفاز يعرض مسلسلاً تركياً … يعني بالعربي عايش حياته ، والجميل إنه بيطلع مدرب ومعتمد حتى لو كان عمره دون الخامسة عشر لا مانع من ذلك ولا ضير فيه طالما طبق المقولة التي تقول : ارخي الريال يرتخي كل مزيون ( مقولة سعودية تشيرإلى أنك بالفلوس تستطيع شراء ما تريد ) …

إن كان هذا هو التدريب فتباً لكم ولتدريبكم فالتدريب في نظري أكبر وأعمق من ذلك ، التدريب ليس مجرد حشو للدماغ بالمعلومات ، ولا الحصول بالدولارات على الشهادات بل هو رسالة ، التدريب علم وفن له سلوكياته وطرقه ووسائله ومقوماته … كيف تدخل ؟ كيف تقف ؟ أين تقف ؟ كيف تبدأ ؟ كيف تتفاعل مع الموجودين ؟ كيف تراقب الجمهور ؟ كيف تتعامل مع الحالات الفردية ؟ كيف توصل علمك ؟ كيف تغير المفاهيم والقناعات ؟ كيف وكيف وكيف … هذا جزء من التدريب الذي أعرفه وأتمسك به وعلى رأي المثل : الفاهم يفهم والقارىء يتهجأ ( مثل مغربي يعني الشاطر يفهم ) … أما ما سوى ذلك فلا أعتبره تدريباً ولكنني أسميه تخريباً … فذاك تخريب للقيم وتخريب للعقول وتخريب للعلم وتخريب لكل شيء … أختم بالمثل الذي يقول : اللي ما يدري يقول سبولة ( مثل تونسي معناه تماماً كالمثل المصري اللي بيقول : اللى مايعرفش يقول عدس ) . 

 

1Comment

Post A Comment

Loading...