06 Jun الجرافولوجي … المفهوم والدلالة …
الجرافولوجي Graphologyهو علم تحليل الشخصية من خلال الكتابة بخط اليد , وهو علم يستطيع أن يكشف معظم السمات الجسمية والصفات النفسية للكاتب من خلال خط يده ، حيث يعتبر خبراء الجرافولوجي أن الكتابة التي يقوم بها الكاتب هي عبارة عن قراءة لما يدور بمخ الكاتب وما يسلكه جهازه العصبي المسئول عن جسم الانسان ، ليس هذا فحسب بل يعتبر خبراء الجرافولوجي أن الكتابة أيضا تعكس صورة الجسم وقدرات أجهزته المختلفة ، من هنا يمكن القول أن خط الكاتب يعبر عن مكونات جسمه ونفسه ، أي أنها مقياس دقيق لشخصية الإنسان .
يطلق على ممارس هذا العلم جرافولوجيست Graphologist ، أو خبير الخطوط ، أو خبير تحليل الخطوط ، وفي أغلب دول العالم تستعين به جهات البحث الأمني والجنائي .
يدرس علم الجرافولوجي ، وكذلك علم الجرافوثيرابي أي علم تعديل السلوك من خلال خط اليد في أقسام علم النفس في جامعات العالم المختلفة ، وتمنح العديد من الجامعات درجات علمية له .
منشأ الجرافولوجي
منذ أن خلق الله الأرض وما عليها والإنسان يحاول التواصل مع الآخرين بشتى السبل والوسائل ، و قد مثل الخط والشكل والرمز وسيلة من وسائل التعبير والتواصل ل بين الناس ، وإلا لماذا نكتب ولماذا كتب من سبقونا ؟.
إن التعمق في الجرافولوجي أو ما يعرف بعلم تحليل الشخصية عن طريق خط اليد بدأ منذ قرابة ألف سنة قبل الميلاد ، حينما توصل رجل صيني يدعى ( كيو جو سو ) إلى حقيقة مفادها أن الشخص يظهر شخصيته من مجرد الخط الذي يخطه ، بعد ذلك بمئات السنين أعلن ( أرسطو ) أن كتابة اليد تظهر شخصية كاتبها ، وأشـــار إلى ذلك بشكل كبير في كتاباته ، ومن أقواله في هذا المجال : ” الكلمات المكتوبة رموز للكلمات المنطوقة ” ، ” جميع الرجال لا يملكون الكتابة نفسها ” .
وفي سنة 120 م وصف (سويتونوس ترانكويلوس) في كتاب “القياصرة” شخصية ( اوكتافيوس اغوسطوس ) من خلال تحليل خط يده .
وأستمر اهتمام الصينيين بتحليل خط اليد ، فقد أعلن الملك الفيلسوف والرسام ( جو هاو ) في الفترة المعروفة باسم فترة سونغ “1060..1110م” أن خط اليد يمكن أن يظهر لنا صفات النبل والعقل والصفات الفظة لدى الشخص . وقد تطرق الكثيرون بعد ذلك للحديث في هذا الموضوع ، ولعل من أبرزهم الروائي الشهير ( وليام شكسبير ) الذي قال : ” أعطني خط امرأة ، وسأخبرك عن شخصيتها ” .
ومن المحاولات الجدية في تحليل خط اليد تلك التي قام بها الشاعر الأمريكي ( إلين إدجار ) الذي حلل العديد من الخطوط ، وألف كتاباً في ذلك ثم خرج بعلم ” الأتوجرافيرى ـ “AUTOGRAPHERY ، وقد لاقى ( إدجار ) انتقادات كثيرة حول ما نشره ، ثم جاء بعده ( روبرت واليزابيث باريت براونينغ ) بكتاب عنوانه ” الكلمات المظلمة على الورقة البيضاء تكشف الروح DARK WORDS ON WHITE PAPER BARE THE SOUL” . وفي العـــام1662م ألف طبيب ايطالي يدعى ( كاميلو بالدي ) من مدينة بالدو الايطالية كتاباً في هذا الموضوع ، عنوانه ” كيف نحكم على الطبيعة وسلوك الشخص من خلال خط اليد ” ، وأتبع أسلوباً أكثر منهجية في التحليل ، ولذلك يعتبره الكثيرون المؤسس لعلم الجرافولوجي ، وبعد ذلك بدأت المعرفة بهذا العلم تنتشر بشكل كبير في أوروبا حتى أن الأمير الألماني ( اوتو ادوارد ليو بولد فون بسمارك ) الذي قام بتوحيد ألمانيا سنة 1842 م ، عندما عرف أسرار القوة في شخصيته وعلاقتها بخطه أعلن أن على كل مواطن أن يكتب بالطريقة التي يكتب هو بها وأسماها ” طريقة فون بيسمارك ـ THE VON BISMARCK METHOD ” ، وهو ما تسبب في جعل الشعب الألماني يكتسب العديد من الصفات الموجودة لدى ( بيسمارك ) مثل العناد والخصومة والشعور بالتفوق والحدة والصرامة ، بعد ذلك قام الألمان بتطوير هذا العلم ، وكان لهم دور كبير في ذلك حيث قام الدكتور الألماني ( لودوينج كلاجيس ) بدراسة هذا العلم والاهتمام به ، ودرس الخط من ناحية الحركة والسرعة والمسافات بين الحروف وقوة الضغط على الورق ، وأنشأ الجمعية الألمانية للجرافولوجي سنة 1897م .
وقد ظل تحليل الخط كنوع من الفلسفة أكثر منه علماً حتى القرن التاسع عشر الميلادي حينما قام مجموعة من القساوسة الفرنسيين بدراسة تحليل الخط لعل من أبرزهم القسيس ( أبي فلاندرين ) وتلميذيه القسيسين ( جانيلن و الفريد بينت ) ، فقد أطلق كلمة جرافولوجي على هذا العلم ، وقام بالعديد من الأبحاث ، وخرج منها بكتابين حول هذا الموضوع هما ” خبايا خط اليد ـ THE MYSTERIES OF HANDWRITING ” و ” نظام الجرافولوجي ـ A SYSTEM OF GRAPHOLOGY ” ، وفي أوائل القرن العشرين قام العالم السويسري ( جولييس ) بترتيب وتنظيم العديد من معايير وخصائص الجرافولوجي في أنظمة شمولية وعامة ، ثم قام الفرنسي ( كريبيكس ) الذي يعتبر أبا الجرافولوجي في فرنسا بتصنيف الخطوط إلى مجموعات وعينات بناءً على معايير مازالت تستخدم في تحليل خط اليد الكلاسيكي رغم أن الكثير منها قد طوره الفرنسيون .
وقد استمر الاهتمام بعلم الجرافولوجي في غالبية دول أوروبا ، ففي تشيكوسلوفاكيا أصدر ( روبرت ساوديك ) أول دورية عن الخط والشخصية في انجلترا وأمريكا ، وفي سويسرا تواصل الاهتمام بهذا العلم عن طريق ( ماكس بلفير ) ، كما اهتم بهذا العلم العديد من علماء النفس أمثال ( سيجموند فرويد ) و( كارل جانج ) الذي ألف كتاب ” الرموز في الخط ” سنة 1931م ، و ( الفريد بينيت ) ، وكذلك ( ويليام هيرشل ) مطور نظام التعرف على بصمات أصابع اليد ، ثم بدأت الدراسات تأخذ منحى أخر هو دراسة الأشكال والرسوم والرموز بالإضافة إلى الخطوط بشكل متصل أو منفصل عن الجرافولوجي ، وتوسعت تطبيقات تحليل الخط لتشمل المجال الجنائي وفحص الوثائق ومجال تحليل الشخصية ، وبدأ تطبيق تحليل الشخصية وفق معايير رقمية ووفق إحصاءات وأرقام وقياسات موحدة ليظهر لنا علم ” الجرافونومي ـ ” GRAPHONOMY أو الجرافونوميكس ـ GRAPHONOMICS “، واكتملت صياغة هذا المصطلح في الستينيات من القرن العشرين ، ثم أهمل هذا العلم بعد ذلك فترة إلى أن جددت الاهتمام به جمعية الجرافونوميكس الدولية ، وكان السبب في ذلك الرغبة في نقل الجرافولوجي من مجال الفنون إلى مجال العلوم ، وظهور الحاسوب وتطبيقاته وطرقه الإحصائية في التحليل .
وقد انتقل تحليل الخط من أوروبا إلى أمريكا ، حيث بدأ الدكتور ( إم إن بونكير ) سنة 1915م دراساته على تحليل الخط ، وأسس الجمعية الأمريكية لتحليل الخط IGAS ” ” التي تحول أسمها إلى الجمعية العالمية لتحليل الخط كأول مدرسة تعنى بالخط في أمريكا ، ويعتبر ( لويس رايس ) الذي أسس الجمعية الأمريكية للجرافولوجي “AMERICAN GRAPHOLOGY SOCIETY ” سنة 1927 م والتي ما زالت قائمة حتى الآن ، السبب في الاعتراف بهذا العلم رسمياً وقبول تدريسه كقسم من أقسام علم النفس في بعض المعاهد والجامعات في العالم .
وممن اهتموا بهذا العلم الدكتور ( ريتشار ستولر ) الذي ألف كتابين حول هذا الموضوع هما ” الكتابة حق ـ WRITE RIGHT ” و ” غير خطك وغير حياتك ـ CHANGE YOUR HANDWRITING AND CHANGE YOUR LIFE “.
ثم بدأت الجهود تتوالى في محاولة لنقل طرق ومدارس التحليل من أوروبا إلى أمريكا عن طريق الخبيرة الأمريكية البروفيسور ( إريكا كاروس ) في الثمانينيات من القرن العشرين ، وتم تأسيس العديد من الجمعيات والرابطات في أمريكا لعل من أبرزها الرابطة الأمريكية لمحللي الخط والمؤسسة الأمريكية لتحليل الخط .
وقد تبنت كثير من الجامعات تحليل الخط كمادة دراسية في علم النفس أو كدرجات علمية ودراسة أكاديمية نظامية منفصلة ” دبلوم وماجستيــــــر ودكتوراه ” في بعض دول العالم ، وقد بدأ هذا العلم في أ.د : إريكا كاروس
الانتشار بشكل كبير في العالم وفي العديد من الدول الأوروبية وكذلك في الصين وروسيا ، أما في العالم العربي فمازال هذا العلم حديثاً حيث إنه لم يُعرف إلا منذ فترة قصيرة لا تزيد عن بضع سنوات فقط ، وبدأ في الانتشار عبر مدرستين ، إحداهما مدرسة ( فؤاد أسعد عطية ) في مصر ، وهي المدرسة التي سنتبع منهجها في هذا الكتاب ، والأخرى مدرسة ( عبد الجليل الأنصاري ) في البحرين ، وهاتان المدرستان هما أساس هذا العلم في عالمنا العربي وإليهما يرجع الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في وضع أسسه وقوانينه فيه.
وقد توالت الجهود بعد ذلك للتعمق في هذا المجال ومحاولة تطبيقه بصورة مختلفة لعل من أشهر من برعوا في ذلك الدكتور ( رأفت عسكر ) الذي تناول الموضوع من ناحية سيكولوجية متعمقة ، ثم تبعه الكثيرون هنا وهناك في العالم العربي ، فقد اهتمت بعض الجمعيات والمراكز البحثية بدراسة بعض جوانب هذا العلم وعمل تطبيقات عملية له في محاولة لاكتشاف تأثيرات بعض النواحي المتعلقة بهذا الموضوع كالأمراض مثلاً ومدلولات الخط عليها ، وظهر الكثيرون من المهتمين بهذا الموضوع وتدريسـه ونشره ومحاولة تطويره والتعمق فيه ، ففي المملكة العربية السعودية لاقى هذا العلم اهتماماً كبيراً من قبل بعض الباحثين ، كما صدر العديد من الكتب والأبحاث حوله لعلها الأكثر على مستوى الخليج العربي إن لم تكن على مستوى العالم العربي ، كما يتم تقديم هذا العلم للناس على شكل دورات تدريبية مع محاولة استخدامه في العديد من الميادين .
يستطيع علم الجرافولوجي أن يكشف شخصية الإنسان (الجوانب الجسمانية والنفسية معا) من خلال دراسة عدة معايير في الكتابة وذلك كما يلي :
· درجة ميل الخط (عمودي – مائل إلى الأمام – مائل إلى الخلف).
· توزيع المساحات وسيادة مناطق الحروف (العلوية – الوسطى – السفلية).
· استقامة وتعرج السطر.
· بداية ونهاية الكلمة .
· شكل الكتابة ( مثلثل – دائرة ـ مربع ـ نجمة )
· الضغط (ثقيل – متوسط – خفيف).
· العرض (سميك – متوسط – رقيق).
· الحجم (طبيعي – كبير – صغير).
· المسافات (بين الحروف – بين الكلمات – بين الأسطر).
· الهوامش (عريضة – ضيقة ـ متدرجة ).
· الإيقاع والنسق الكتابي ودرجة التغير في الحجم وفي الشكل على مستوى الحرف أو الكلمة أو السطر.
· الأشكال المختلفة للحروف.
· الفراغات الهوائية .
· النقط .
· التوقيع.
وعلى الرغم من أن الجرافولوجي يكشف جميع أو معظم سمات الإنسان الجسمية والنفسية والأمراض (الجسمية والنفسية) والحالة المزاجية والعاطفية والقدرات الفكرية والميول والاتجاهات إلا أنه لا علاقة له بكون من يكتب ذكر أم أنثى إلا في بعض الحالات كما أنه لا نستطيع بواسطته الكشف إن كان الشخص يكتب بيمينه أو شماله ، أو ميول الشخص الدينية والاتجاهات الفلسفية أو المذهبية ( من يقوم بتحليل الخط لا يقوم بقراءاة ما هو مكتوب بالنص وإنما يعتمد كلياً على التغيرات الشكلية الموجودة فيه ) ، كما أن هذا العلم ليس له علاقة بالغيبيات فلا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى .
استخدامات الجرافولوجي :
يعتبر علم الجرافولوجى من أقوى برامج التنمية البشرية ومهارات الاتصال على الإطلاق حيث يكتسب دارس هذا العلم مهارات عالية لا تضاهيها المهارات المكتسبة من أي تقنيات أخرى ، فهو يعطي الأشخاص قدرة لا محدودة لفهم أنفسهم وفهم الآخرين عن قرب وترجمة سلوكهم وتحليل ذواتهم والوصول بهم إلى أعلى مستوى في كيفية التواصل الفعال معهم ، وبذلك فإن علم الجرافولوجي من العلوم الهامة التي يُعتمد عليها في مجالات عدة ، ويمكن القول ببساطة إنه من أهم علوم تحليلات الشخصية وأيسرها وأسرعها وأقواها على الإطلاق ، فالشخصية كما يراها علماء النفس مجموعة ما لدى الفرد من استعدادات ودوافع ونزعات وشهوات وغرائز فطرية وبيولوجية وكل ما لديه من نزعات واستعدادات مكتسبة ، وبناءً عليه فإن الجرافولوجي يسبر أغوار الشخصيـة ، ويدخل في جميع تلك النواحي بكل تفاصيلها وأبعادها .
وللجرافولوجي استخدامات كثيرة جداً في عدة ميادين ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي :
· في نطاق الأنا والآخر .
· في نطاق المنزل والأسرة .
· في نطاق التربية والتنشئة .
· في نطاق العمل والإدارة .
· في نطاق الطب النفسي .
· في نطاق الطب .
· في نطاق الطب الشرعي والأدلة الجنائية .
· في نطاق التعليم .
ويمكن إجمال ما يحققه علم الجرافولوجي في مجالات المعرفة فيما يلي :
· معرفة النظام التمثيلي للإنسان ( بصري – سمعي – حسي ).
· معرفة الحالة النفسية ، والمزاجية.
· القدرة على التجاوب العاطفي في المشاعر والأحاسيس.
· معرفة مقدار الطاقة العقلية وأنماط التفكير .
· معرفة الكفاءة الوظيفية .
· معرفة الطاقة البدنية .
· معرفة الدوافع والاحتياجات الجنسية والحسية .
· معرفة المهارات القيادية والاجتماعية .
· معرفة إمكانية التوجه نحو تحقيق الأهداف.
· معرفة المخاوف.
· معرفة قدرة الخيال والإبداع .
· معرفة مدى النزاهة والاستقامة والصدق.
· معرفة المواهب والمهارات .
· معرفة ديناميكية الشخصية.
· معرفة السلوكيات والتوجهات الخاطئة .
· إمكانية التعرف على بعض المشكلات الصحية والأمراض .
ونخلص من ذلك إلى أن هناك أموراً كثيرة نعرفها عن طريق تحليل الكتابة بخط اليد قد تجعلنا نُحسن من حياتنا وحياة الآخرين بأسلوب علمي بسيط يجعل منا ومن الآخرين كتباً مفتوحة نستطيع قراءة صفحاتها بكل يسر وسهولة وفهم ما تتضمنه جنباتها ومعرفة واستنباط ما هو مكتوب فيما بين السطور .
جريدة ذا ووال ستريت الأمريكية في عددها CCLVI NO.81 تشير إلى إمكانية جعل الشخصية أذكى عن طريق خط اليد
ahmed
Posted at 17:48h, 09 Juneموضوع رائع جدا ومفيد جدا
Nallely
Posted at 16:40h, 31 JanuaryA wonderful job. Super helpful inoofmatirn.