KAMEL BADAWI | التدريب … دسائس ومؤمرات …
3998
post-template-default,single,single-post,postid-3998,single-format-standard,ajax_fade,page_not_loaded,,side_area_uncovered_from_content,qode-theme-ver-10.0,wpb-js-composer js-comp-ver-4.12.1,vc_responsive

التدريب … دسائس ومؤمرات …

التدريب … دسائس ومؤمرات …

نحن الآن في وسط المعركة  … حرب حقيقية … تخيلوا معي الرصاص الذي ينطلق دون تحديد للأهداف … قنابل تفجر هنا وهناك … خطط الهجوم ترسم وتنفذ … كر وفر … حرب عصابات … تفجيرات … مؤامرات … دسائس … ضحايا … اصابات بالغة وأخرى خفيفة … منظر مرعب ومهيب … ولكن أتدرون عما أتحدث هنا ؟  وأين تدار هذه الحرب الشعواء ؟ أنا أتحدث عما يحدث في مجال التدريب … كل ما سبق وأكثر موجود … فعلاً وصدقاً وحقاً … وفي الختام تباً وسحقاً …

أي تدريب وأي علم هذا الذي يحيك أصحابه الدسائس والمؤمرات ؟ أي غاية من ترك ما ينفع والإمساك بالترهات ؟ هل هذا هو التدريب الذي يقدمه البعض ويسعون إليه بكل قوة ؟ هل هذا هو ما أمرت به الأديان السماوية وهل في ذلك أي نوع من الشهامة والمروءة ؟ وهل هؤلاء هم العلماء الذين رفع الله مكانتهم ؟

في عالم التدريب رأيت عالم عجيب … دخلت إليه وفي إعتقادي أنه عالم من الرقي والسمو … عالم ترفرف فيه رايات العلم والعلماء ولكنني فؤجئت ووجدت من السيئات والسلبيات الكثير الكثير … لماذا ؟ هي النفس البشرية حتى في العلم … نحسد بعضنا بعضاً في العلم … نتربص ببعضنا البعض في العلم … نحارب بعضنا البعض في العلم … نقتل بعضنا البعض في العلم … كل شيء مباح وكل الوسائل متاحة فقط افعل ذلك وكن سعيد القلب مرتاح … أصبح الأمر وكأنه أمر طبيعي ولا غبار عليه … أصبح من السهل أن يتهجم عليك أحدهم ويرمي بك في المهالك ، يترصدك أحدهم ويتربص لك في كل المسالك … فسبحان الله أصبحنا حتى في العلم … في تلك الدرجة العظيمة التي فضل الله بها عباده العلماء عن غيرهم … لا نبالي ولا نحاسب أنفسنا وليس لدينا أي اهتمام … فالشغل الشاغل الصعود وركوب الموجة والانتقام …

مررت شخصياً بالعديد من التجارب … صادفت خلال عدة سنوات العلماء والمفكرين ولا أنسى فضلهم وواجب شكرهم وتقديم كل آيات الثناء لهم والعرفان ، وقابلت على النقيض من كانوا من المدعين والمحبطين والمتعالمين وقابلت من تجردوا من أدميتهم وتلبسوا تعويضاً عن ذلك شيطان …

قابلت من يرجون لك الخير ويدعمونك ويؤازروك … وقابلت من يتربصون بك وعندما تسنح الفرصة يحاصروك … قابلت من يقفون  بجانبك ويقووك … وقابلت من يقللون من شأنك ويحاولون عن عزيمتك وغايتك أن يثنوك ويحبطوك … قابلت من الناس رجال لهم الفضل في تعليمي ونصحى وارشادي وتعليمي … وقابلت من يسعون للتقليل من شأن كل ما أعمل وتحطيمي …

تعجبت لهؤلاء … أيـن هم من قوله تعالى : ( يرْفعِ اللهُ الذينَ آمَنُوا مِنكمْ والذينَ أوتوا العلْمَ دَرجات ) .

وأين هم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن فضل العلم خير من فضل العبادة ، وخير دينكم الورع ” ، وقوله عليه الصلاة والسلام : ” من سلك طريقاً يطلب فيه علماً ، سلك الله له به طريقاً إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض ، حتى الحيتان في البحر ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ، إنما ورّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر ” ، وقوله عليه الصلاة والسلام : ” فضل العالم علي العابد كفضلي أنا على أدناكم ” يا لها من مكانة !! العالم يأخذ مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يفرق بين النبي وبين العالم إلا درجة النبوة سبحانك يارب ما أعظم درجة العالم ومكانته .

أين هؤلاء من تلك المكانة الشامخة فقد روي عن سيدنا عمر بن الخطاب أنه قال :  تعلّموا العلم وعلّموه الناس ، وتعلّموا له الوقار والسكينة ، وتواضعوا لمن تعلمتم منه ولمن علمتموه .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه في وصيته للكميل قال : ” العلم خير من المال ، العلم يحرسك و أنت تحرس المال ، والعلم حاكم والمال محكوم عليه ، المال تنقصه النفقة والعلم يزكوا بالإنفاق ، العالم أفضل من الصائم القائم المجاهد سلم في الإسلام سلمة لا يسد ” .
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه : ” تعلموا العلم فإن تعلّمه لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومدارسته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ، لأنه معالم الحلال والحرام ، والأنيس في الوحشة ، والصاحب في الخلوة ، والدليل على السراء والضراء ، والدين عند الأخلاق ، والقرب عند الغرباء ، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخلق قادة يقتدى بهم ، وأئمة في الخلق يقتفي آثارهم ، و ينتهى إلى رأيهم ، وترغب الملائكة في حبّهم بأجنحتها تمسحهم ، حتى كل رطب ويابس لهم مستغفِر ، حتى الحيتان في البحر وهوام وسباع البر وأنعامه ، والسماء ونجومها.

ولأن العلم حياة القلوب من العمى ، ونور الأبصار من الظلم ، وقوة الأبدان من الضعف ، يبلغ به العبد منازل الأحرار ، ومجالسة الملوك ، والدرجات العلا في الدنيا والآخرة ، والعلماء هم السادة وهم القادة الأخلاء وهم منارات الأرض ، العلماء ورثة الأنبياء وهم خيار الناس المراد بهم خيراً ، العلماء لهم مكانتهم ووضعهم وصفاتهم النبيلة … ولكن للأسف بعضهم تنازل عن كل ذلك وترك تلك المكانة وفضل أن يلقي بنفسه إلى مستنقع ملىء بالحقد والكراهية والشر والحسد والبغض .

لماذا هذه الكراهية لبعضنا البعض ؟ لماذا وصل بنا الأمر إلى هذا الحد ؟ لماذا الحرب ؟ لماذا افتراض سوء النية ؟ أسئلة كثيرة فكرت فيها ولم أجد لها اجابات مقنعة سوى أنها النفس البشرية  وطبعاً لا أتحدث عن النفس السوية

نصيحة أوجهها لكل من يتعامل مع الآخرين من منطلق الحرب … ولكل من يعتقد أن الآخرين سيسرقون منه الرزق … ولكل من يعتقد أن الحرب أمر واقع وأنه عن حقه يجب أن يدافع … نصيحتي لكل هؤلاء اتقوا الله في أنفسكم وفي الآخرين ولا تنسوا أن الله كرمكم بالعلم فحافظوا على تلك المكرمة فمن منحكم شيئاً يستطيع أنه يسلبه منكم إنه على كل شيء قدير ولا تفكر في الرزق فالرزق من عند الله … أنتم أصحاب رسالة وأمانة فلا تنسوا ذلك ودعوا الدنيا لأهلها … كونوا قدوة لغيركم فبكم تحيا الأمم .

No Comments

Post A Comment

Loading...