الجرافولوجي … الهوامش …

02 Jul الجرافولوجي … الهوامش …

قد لا تعنى الهوامش شيئاً لمن يكتب ، ولكنها بالنسبة لتحليل الشخصية تحمل الكثير من المؤشرات ، وتوضح العديد من الحقائق حول شخصية الكاتب وعلاقته بالبيئة المحيطة .

وقبل البدء في دراسة هذا المعيار ينبغي أن نوضح : ما هي الهوامش وما مفهوم الورقة أو الصفحة بالنسبة للباحث !الهوامش هي تلك الفراغات الموجودة على جوانب الورقة ، وتحيط بالكتابة من الجهات الأربع ، فعند كتابة موضوع ما فإننا ـ دون وعي أو تخطيط مسبق ـ نترك فراغات على كل جانب من جوانب الورقة ، وعند الكتابة عن طريق الحاسوب نجد أن هوامش افتراضية ذات قياسات محددة قد وضعت ، وتعرف بالهوامش المتوازنة أو الطبيعية في العالم بأسره وفي جميع اللغات .

أما مفهوم الورقة أو الصفحة بالنسبة للباحث ، فإننا نعمد إلى رأي ( كارين كريستين آمند ) ، وتقول فيه : ” تمثل الصفحة بالنسبة للباحث البيئة التي يعيش فيها الكاتب ، ومن هذا المنطلق يمكن القول إن الورقة هي العالم بالنسبة للكاتب ، وما يكتبه هو الجزء الخاص به في هذا العالم ، فهي مساحته الخاصة التي يُنفذ فيها ما يحتمل أن يقوم به من أعمال ، وهي المسرح الذي تقع عليه الأحداث ” .

إذاً فالورقة تمثل حياة الكاتب والبيئة التي يعيش في نطاقها ، وهي أيضاً تمثل حاضره ، هذا الحاضر الذي تختلط فيه لدي الكاتب جميع المشاعر والأحاسيس تجاه نفسه والآخرين ، والمرتبط في ذات الوقت بماضيه وما يحمله من إحباط ورواسب ومعتقدات ، ومستقبله وما يحمله من آمال وتطلعات وطموحات .

إن لغات العالم أجمع تكتب بثلاث طرق لا رابع لها ، فهي إما أن تكتب من اليمين إلى اليسار كما هو الحال في اللغة العربية والعديد من اللغات الأخرى كالأردية والفارسية والتركية العثمانية والسواحيلية وغيرها من اللغات ، وإما أن تكتب من اليسار إلى اليمين كالإنجليزية ومعظم اللغات الغربية ، وإما أن تكتب من أعلى إلى أسفل كبعض اللغات الشرقية .وبما أننا نعتمد في دراستنا هذه على اللغة العربية التي تبدأ الكتابة فيها من اليمين إلى اليسار ، فإن الجهة اليمنى من الصفحة تمثل الماضي بالنسبة لنا ، وكلما اتجهنا بالقلم من اليمين نحو اليسار ، فإننا ننطلق إلى المستقبل المتمثل في الجزء الأيسر من الصفحة عبر الحاضر المتمثل في وسط الصفحة، ولعل الشكل التالي يوضح لنا ما تمثله الورقة بالنسبة للكاتب والدلالات التي يمكن التوصل إليها من خلالهاوعند البدء في تحليل الهوامش ودراستها لا بد من الأخذ بعين الاعتبار الظروف والملابسات التي قد تصاحب الكتابة ، فهناك أسباب قد تجعل الكاتب يترك هامشاً كبيراً على يمين الصفحة مثلاً كأن يكون قد خطط مسبقاً لوضع الأوراق التي يكتبها في ملزمة ، أو أنه يريد إضافة بعض الهوامش أو التعليقات لاحقاً ، أو انه يريد عمل إطار خارجي يحيط بالكتابة ، وقد يقلل الكاتب من الهوامش خاصة السفلية منها لعدم وجود متسع في الورقة وعدم الرغبة في إكمال الموضوع في ورقة أخرى مما يضطره إلى ضغط الكتابة . وقد يحرص الكاتب على عدم ترك هوامش جانبية نهائياً حتى لا يترك مجالاً لإضافة بعض الكلمات خاصة في الأوراق الرسمية مثل الصكوك الشرعية ، وقد يكون الأسلوب السائد لترك هوامش بعينها أمراً متعارفاً عليه ، فمثلاً في المخطوطات القديمة كانت خاتمة المخطوط على شكل هرمي معكوس ، أي بتوسيع الهوامش الجانبية من الأسفل .

ورغم أنه لوحظ عند أخذ عينات الكتابة أن بعض الأشخاص يعمدون إلى الكتابة على الصفحة بشكل عرضي أو مائل ، ولهذا دلالة على تمرد الشخصية ورغبتها في الخروج عن المألوف وحرصها على أن تبدو مختلفة ومتميزة عن الآخرين ، كما لوحظ أن بعض الأشخاص يعمدون إلى وضع خطوط متتالية لإغلاق الهوامش خاصة السفلي منها ، ولهذا دلالاته أيضاً فهذه الشخصية حرصها زائد ، وحذرها شديد ، دائمة الخشية من الوقوع في المشكلات ، إلا أن هذه حالات خاصة لا اعتبار لها .

وبناءً على ذلك لابد من الحرص عند تحليل الهوامش أن تكون الهوامش معتمدة على الوضع الطبيعي للكتابة دون وجود أسباب تستدعي ترك مسافات بعينها ، مع مراعاة أهمية الكتابة على ورقة بيضاء لتوفير نوع من الحرية في كتابة العينة ، ذلك لأن السطور تقيد الحركة وتحدد مسار الكتابة .

من المتعارف عليه أنه توجد قياسات محددة للهوامش من الواجب تركها في كل جهة من جهات الكتابة الأربع ، ومعلوم أنه من الطبيعي أن تختلف هذه القياسات اختلافاً بسيطاً من شخص إلى آخر أثناء الكتابة ، إلا أن ما يهمنا في دراستنا هو وجود متغيرات غير طبيعية في الهوامش .

وتنقسم الهوامش إلى نوعين أولها : هوامش جانبية ، وثانيها : هوامش علوية وسفلية ، وقياساتها على النحو التالي :

كيفية قياس الهوامش :

ـ حدد بداية الجهة المطلوب قياسها .

ـ ضع المسطرة بين حافة الورقة في الجهة المراد قياس الهامش فيها علوية أو سفلية أو جانبية بحيث يكون الرقم (صفر) على حافة الورقة الخارجي تماماً و طرف الكلمة من الجهة المراد قياسها